[ قال شارح دلائل الخيرات: الملاحم جمع ملحمة وهي الحرب والقتال أو مكانهما
أو الحرب الشديدة والواقعة العظيمة وهو مأخوذ من اختلاط المقاتلين واشتباكهم
كاشتباك لحمة الثوب بسداه، وهي من كثرة اللحم لكثرة لحوم القتلى فيها،
وهي إشارة إلى ما بعث به صلى الله عليه وسلم من القتال والسيف لأنه صلى الله عليه وسلم
فرض عليه القتال وأحلت له الغنائم ونصر بالرعب ووقع له في الحرب والجهاد والنصر
ما لم يتفق لغيره من الرسل ولم يجاهد نبي ولا أمته قط ما جاهده صلى الله عليه وسلم وأمته.
والملاحم التي وقعت بين أمته والكفار لم يعهد مثلها قبله قط، ولا يزالون يقاتلون الكفار
في الأقطار على تعاقب الأعصار حتى يقاتلوا الأعور الدجال وينزل عيسى بن مريم عليه السلام،
فلاختصاصه صلى الله عليه وسلم بذلك أضيف إلى الملاحم بالجمع للكثرة إشارة إلى أنه اختص بكثرتها.
وكان صلى الله عليه وسلم يغزو الكفار ويجاهدهم منذ استوطن المدينة وأذن له في القتال
إلى أن انتقل إلى الرفيق الأعلى تارة يخرج بنفسه الشريفة وتارة يبعث البعوث والسرايا
ولم يكن له ولا لاصحابه راحة ولا عمل الا ذلك. وقد كانت مغازيه التي خرج فيها بنفسه
سبعا وعشرين على الأشهر ومذهب الأكثر وسراياه وبعوثه سبعا وأربعين.
وأخرج ابن سعد عن مجاهد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أنا محمد، وأنا رسول الرحمة،
أنا رسول الملحمة، أنا المقفي، والحاشر، بعثت بالجهاد، ولم أبعث بالزراعة